الاثنين، 22 يونيو 2009

رحيل صالح علي صالح

ما من أحد تدب فيه الحياة إلا وهو ميت، فقد جعل الله لكل أجل كتاب، ولكن السعيد من أتته منيته وهو في محراب الإيمان، على صلة بالله في فكره، وهمه، يعرف غاية حياته، وغاية مماته، كذلك كان فقيد الحركة الإسلامية الإرترية الأخ صالح علي صالح ـ فيما أعلم فيه وأحسب ـ فهو أحد أبرز حاملي الفكر الإسلامي، وأحد أهم المساهمين في تأسيس فصيل من فصائله النشطة في الساحة الإرترية، أتته منيته وهو سائر على هذا الدرب الإيماني، مهاجرا إلى الله ورسوله، يبتغي عزة المسلم، وعزة الإسلام، لا تفتقده الحركة الإسلامية وحدها، وإنما يفتقده كل من عاشره وعرف فيه السماحة، والمروءة، والغيرة على الدين، والسهر على خدمة الوعي، وبث المعرفة، تعرفت عليه في الخرطوم، وجمعتني به أكثر من جلسة، يوم كنت أزور صهره الفقيد أول خير مصطفى رحمهما الله وسائر موتى المسلمين، واستمعت إليه في أكثر من حوار، قليل الكلام إلا أنه كبير الهم، يزن كلامه ويفكر فيه جيدا قبل أن يلفظه، ما سمعت منه كلمة نابية، ولا رأيت منه فعلا جارحا، عمود أسرته، ومكرم نزيله، دائم الابتسامة، كان مربيا فاضلا، عمل في جهاز التعليم الإرتري، مسخرا وقته، وطاقته في خدمت هدفه الإسلامي، وتنمية شعبه المشرد، كغيره من المثقفين الإرترين ظل يتمنى العودة إلى بلاده وموطنه، ليقوم بما يحتمه عليه واجبه الوطني، إلا إن الوضع السياسي حال دون تحقق هذه الأمنية، فبقي في ديار المهجر، ينشط في المجال السياسي، والتربوي، والدعوي، حتى وافته منيته ـ رحمه الله ـ وهو على ما عاهد الله عليه، فطوبى له في ديار الخلد طوبى، نبكيه اليوم كلنا ـ نحن معشر الإسلاميين ـ نبكي فيه وفاءه، وإخلاصه، وتواضعه، وتفانيه في خدمة الفكر الإسلامي، ومقارعة خصومه، ومناضلة أعدائه، ولكن لا نقول إلا ما يرضى ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون) فما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وما هي إلا لحظات وتنقضي.



ولا يساورني شك في أن الحركة الإسلامية الإرترية وهي تحتسب اليوم هذه الشخصية الكريمة من رجالاتها المناضلين كما احتسبت إخوانه من قبل لتجدد العهد على الثبات في الدرب نفسه واثقة من أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، كما لا أظن يغيب عن بالها هم الفقيد في وحدة العمل الإسلامي النضالي أمام الطغيان المهيمن، وأنها ستكون وفية معه في المضي نحو مزيد من الأعمال الإيجابية في خدمة هذا الهدف السامي، ومن نعم الله على الفقيد أن مات بعد أن شاهد وساهم في ظهور جبهة التضامن التي بلا شك تمثل جزءا من أحلامه وأهدافه التي ظل يسعى إلى تحقيقها.



أعزي فيه كل أبناء الحركة الإسلامية الإرترية الذين عرفوه، والذين لم يعرفوه، وأعزي فيه جميع أفراد أسرته صغارا وكبارا، وأعزي فيه كل أصهاره، وعلى وجه الخصوص الأخ محمد حامد، وكل من له به صلة رحم وقرابة، وأعزي فيه كل المناضلين السائرين على دربه.



رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، ونفعه بما قدم في سالف حياته، وجمعنا به في جنة الفردوس، على سرر متقابلين، وبارك في نسله، وألهم أهله الصبر، وإنا لله وإنا إليه راجعون.





وكتبه/ الدكتور جلال الدين محمد صالح



28/6/ 1430 هـ



21/6/2009

ليست هناك تعليقات: