وترجل الفارس المغوار ... وهو يشكو الي الله ظلم العباد
بقلم :- على م. علي
09/10/2008م
عندما رن جرس الهاتف في صباع يوم العيد لم يخطر ببالي انه سيقل الخبر المفجع وكنت اعتقد انها تهنئة العيد ... فحدثني بصوت خافت ومتغير غير الذي عهدته ... فقلت ماذا هناك فاذا به يخبرني ان الشيخ محمد اسماعيل عبده انتقل الي جوار ربه ... اقولها صادقا ماتمنيت ان اسمع هذا الخبر رغم ايماني الراسخ ان لكل اجل كتاب ... فقلت ليس هذا وقتك للرحيل الكل كان في حاجة اليك .
الساحة الوطنية كانت بحاجة اليك مواقفك الوسطية ومرونك المتوازنة ورؤيتك التوافقية مقدرا مصلحة الوطن ... ولكن عزائها انك ارسيت لها منهج وتجربة ستبقي الأساس المسلمون كانو بحاجة في كل بقاع المعمورة فلم يكن همك فقط ارتريا وانما كنت مناصرا لكل قضية عادلة ومدافعا عن حقوق المسلمين في كل مكان وتشهد المؤتمرات الدولية والمقابلات الشخصية لك الحزب شيبه وشبابه واشباله كان بحاجة فقد كنت القدوة تحترم الكبير وترحم الصغير الكل يجد مكانا عندك فتارة ناصحا ومربيا واخري مستمعا ومشاركا .... التواضع شيمة من شيمك والغضب في الله صفة يتذكرك بها كل من عرفك ونبذ العنصرية والقبلبية ميزة يعرفها عنك القاصي والداني .
فهل حقا رحلت وكنت فينا سراجا اذا اظلم الليل بؤسا اضاء
رحلت بعيد وصرنا يتامي اتيناك والشوق ملئ الحنايا
كانا حياري ونأمل بين يديك اهتداء وجدناك قلبا محبا ... عطوفا ونهر يفيض بمعني الضفاء
وجدناك قلبا يفيض سماحا ويجهل كل معاني العداء عرفناك حر تلقن للجيل معني الفداء
تعلمه كيف يحي كريما يعيش كريما يموت كريما نعم كنت المربي والحادي ....
وكنت كالنور ينير الطريق وكنت كالشمس يشع الضياء
وكنت تعلو فوق الصغائر وتسمو فوق الجرح الغائر
ترحل عنا ياشيخنا لكن تكون ذكراك باقية في القلوب في كل المسافات القريبة والبعيدة ... تأبين في اروبا ورثاء في اسيا وعبرات وذكريات تسطر من السودان من كل البقاع .
كيف لا وقد وهبت العمر لله للدين للوطن ...
وكم تألق في الأفلاك من قمر وكم تسامت بعز الدين هامات
وكم تربع فوق الشم ذو أدب قد خلدته برغم الموت كتابات
نعم لقد عشت الحياة زاهدا محتسبا ترنو لارضاء الخالق تتمني لقاه وكلك امل وثقة بعفوه وصفحه .
وقد عشقت ترنو الي الفردوس في امل والمخلصون لهم في الخلد غايات
كنت قارءا لكتاب الله ذاكرا عابد فرفعك الله درجات بمحبته آمرا اهل الأرض بها
الله يرفع أهل الفضل منزلة ويذكر الدهر اقوام وان ماتو
ويصدق فيك قول الأمام الشافعي (من وعظ اخاه بفعله كان هاديا ) من المواقف التي لا انساها زرت الشيخ انا ومجموعة من اخوني بعد عملية القلب الناجحة التي اجريت له في بيبته (المؤجر) في الخرطوم فنسأله عن صحته ... ويسألنا عن العمل فيالها من نفس تتناسي الآمها وجراحاتها في حضرة العمل العام ....لقد كنت كبيرا في كل موافقك وبقيت كبيرا في العيون طول حياتك بصدقك واخلاصك وتفانيك لمبدئك وفكرتك ويشهد لك بذلك الأعداء قبل الأصدقاء ... وستظل كبير في عيون محبيك وفي عيون كل عشاق الحرية وراد التغيير ..حدثني احد الثقات ان الشيخ كان نزيلا عندهم في احد طوافاته الميدانية فقام الشيخ كعادته في الثلث الأخير من الليل ليناجي ربه فلم يجد اي فرش او سجادة فصلي ما شاء الله له وكان المكان كله حصي وحجر يقول محدثي حاولت ان اصلي في ذلك المكان ركعتين فلم استطع ... نعم حلاوة الايمان ومن ذاق عرف . ارتحل الشيخ عن دنيانا الفانية بعد جهاد طويل ... بعد ان اطمئن علي ان البذرة التي غرسها نمت وقوي عودها وان الدفعات التي تخرجت علي يديه من الشباب من المدرسة الايمانية انتشرت في كل بقاع العالم تتقدم صفوف الجاليات الارترية ينادون بالحريات ويحاربون الدكتاتوريات الذي كان ديدن الشيخ .... فقر عينا ياشيخنا ان الدعوة التي بدأتها مع القلة من اخوانك والتي اوذيتم في سبيلها حتي وصل بالطغاة باطفاء السجائر علي رؤسكم وحبسكم تحت الأرض , جهلو انكم اصحاب هدف ورسالة ولا تثنيكم عن المقصد كل العذابات .... وما علمو انكم ترون الضوء في آخر النفق فواصلتم المسير رغم قلة النصير .... فهنيئا لك شيخنا وقد رأيت بام عينيك ان تلاميذك علي ذات الطريق ماضون وعلي العهد باقون وللفضيلة مناصرون وللزيلة محاربون ... هنيئا لك وانت تري منهم السياسي المحنك والاعلامي الرقم والدبلوماسي اللبق والعسكري الشجاع والتاجر الصادق والأكاديمي الناجح هذا مارأيته فقط ولربما سيكون لأبنائك شأن في المستقبل اما في الآخرة فما عند الله خير وابقي .... نقول لك مؤكدين .... ان الطريق الذي رسمة ملامحه والنهج القويم الذي ارتضيته والموافق المشرفة التي صغتها عبر السنين ستظل طريقنا ومنهجنا ومواقفنا لا نحيد عنها قيد انملة وسندافع عنها حتي اخر الرمق مادام فينا عرق ينبض .ترحل ياشيخنا الجليل وانت تشكو ظلم البشر لأكثر من خمسة عقود من الزمان بداية في زمن الثورة من العلمانيين ونهاية بعصابة افورقي فكنت من القلة الذين ترجلو ودافعو عن حمي الدين والوطن في زمن عز فيه الرجال وبقيت من القلة المدافعين ايضا عن الكرامة والدين لم تثنيك عواصف الدهر بل تزيدك الأيام قوة الي قوتك ... بنيت البناء بكل ثقة ويقين حتي اكتملت كل اطرافه واطمئننت علي ثباته ورسوخه . ويالاسف ... تدفع عمرك ثمنا للوطن وكرامته لكنك لم تر منه شيئا استحقته فعذرا فالطغمة الذين جمعتهم المصالح لا يعرفون للشرف معني وللوفاء طريقا ... وتدفن خارج حدود الوطن لتضاف الي الأبطال من قادتنا الذين شكو الي الله ظلم العباد الي العباد في الحياة وبعض الممات امثال ابراهيم سلطان وادريس محمد ادم وعثملن صالح سبي والكثيرين الذي لايسع المجال لذكرهم
في ختام حديثي دعوات اطلقها الي
أسرة الشيخ ... الفقد كان كبيرا .. جبر الله الكسر وابدلكم من المصيبة خيرا
الحزب الاسلامي قيادة وقاعدة كونو للحق انصارا وللظلم سيفا بتارا فاليل لن يطول وسيأتي غدا الفجرا
المسلمين كونو للوحدة انصارا وللفرقة نار وشرارة لأن الأولي مختارة من رب الجنة والنارا
الارتريين ابنو بالتعايش بيتا و(دارا)